الفصل الأول
علم التوحيد
تعريفه :س : ما هو علم التوحيد؟
ج : هو علم يبحث في إثبات العقائد الدينية
بالأدلة اليقينية العقلية والنقلية التي تزيل كل شك ، وهو العلم الذي يكشف باطل
الكافرين ، وشبهاتهم ، وأكاذيبهم، وبه تستقر النفوس ، وتطمئن القلوب بالإيمان ،
وسمي بعلم التوحيد لأن أهم بحوثه هو: توحيد الله . قال تعالى :﴿أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ
الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾[الرعد:19] .
مجالات بحث علم التوحيد :
س : ما هي المجالات التي يبحث فيها علم
التوحيد؟
ج : يبحث علم التوحيد في عدة مجالات هي :
1-
في
مجال الإيمان بالله وتوحيده ، وإخلاص العبادة له دون شريك .
2- في مجال الإيمان برسل الله ، حملة الهدي
الإلهي ، ومعرفة ما يجب لهم كالصدقة والأمانة ، وما لا يجوز في حقهم كالكذب
والخيانة ، ومعرفة معجزاتهم وبينات رسالتهم ، وخاصة معجزات وبينات وأدلة رسالة
سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
3-
في
مجال الإيمان بالكتب الإلهية التي أنزلها الله هداية لعباده عبر التاريخ البشري
الطويل .
4-
في
مجال الإيمان بالملائكة وما يقومون به من أعمال ، وصلتهم بنا في الدنيا والآخرة .
5-
في
مجال الإيمان باليوم الآخر وما أعد الله فيه من جزاء المؤمنين والكافرين: من نعيم
في الجنة وعذاب في النار.
6-
في
مجال الإيمان بقدر الله الحكيم ، الذي يسير عليه كل ما في الكون: قال تعالى :﴿آمَنَ
الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ
بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ﴾[البقرة:285] .
ولقد سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
عن الإيمان فقال : (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر
خيره وشره).
مكانته بين سائر العلوم : س: وما هي مكانة علم التوحيد بين سائر
العلوم؟
ج: شرف كل علم يقدر بشرف موضوعه ، ومجال
بحثه ، فإذا كان الطب أشرف من النجارة : فإن ذلك لأن ميدان بحث النجارة : الأخشاب
وميدان بحث الطب: الأجسام البشرية. أما شرف علم التوحيد فيستمد من شرف مجالات بحثه
، وهل هناك ما هو أعظم من خالق الكون؟ وهل هناك من هو أطهر من رسل الله من بني
البشر؟ وهل هناك ما هو أهم من معرفة الإنسان بربه وخالقه ؟ والحكمة من وجوده في
هذه الدنيا، ولماذا خلقه الله عليها؟ وما هو المصير الذي ينتظره بعد موته؟ هذه هي
مجالات علم التوحيد وموضوعاته.
وعلم التوحيد هو أصل علوم الإسلام وأفضلها
وأهمها على الإطلاق.
فرضيته: س: وهل تعلمه فرض عين أم فرض كافية؟
ج : علم التوحيد فرض عين على كل مسلم ومسلمة
، بحيث يتوفر الامتناع القبلي لدى المسلم أنه على الدين الحق، وأما ما زاد على ذلك
فهو فرض كفاية ، إذا قام به القليل من المسلمين سقط عن الباقي .
قال تعالى :﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾[محمد:19] .
القرآن كتاب التوحيد الأكبر:
س: وهل اهتم القرآن بهذا العلم؟
ج : إن الموضوع الأساسي في القرآن هو موضوع
علم التوحيد فأنت لا تجد صفحة في كتاب الله تخلو من الدعوة إلى الإيمان بالله أو
برسوله، أو باليوم الآخر، أو بالملائكة ، أو بالكتب الإلهية السابقة ، أو بالقدر
الذي سنه الله لسير هذا الكون. وإن القرآن المكي الذي نزل بمكة قبل الهجرة لمدة
ثلاثة عشر عاماً يكاد يكون كله حول التوحيد وما يتصل به .
اهتمام المسلمين به :س: وهل اعتنى به المسلمون؟
ج : إن عناية المسلمين بهذا العلم مستمدة من
عناية القرآن به ، فقد كان همهم الأكبر هو : الدعوة إلى دين الله بالحكمة ،
والموعظة الحسنة، أي بما يقدمه علم التوحيد من أدلة وبراهين لتثبيت العقيدة ودعوة
الناس للإيمان بها واستمرت عناية المسلمين به مدة طويلة .
إهمال المسلمين لهذا العلم:
س : ما الذي أصاب المسلمين عندما أهملوا
التوحيد؟
ج : لما أهمل المسلمون بناء العقيدة الصحيحة
بواسطة علم التوحيد الذي يقوم على العلم واليقين ، بدأ الخلل يتسرب إلى عقائد
الكثيرين منهم ، تسرب إلى أعمالهم ، وأخذ الفساد في الاتساع حتى سهل على أعدائهم
القضاء عليهم واستعمار بلادهم واستذلالهم في أرضهم وديارهم .
الخلاصة
· يقدم
علم التوحيد الأدلة العقلية والنقلية على صحة وصدق العقائد الإسلامية.
· يبحث علم التوحيد في مجالات عدة هي :
الإيمان بالله ، وكتبه ، ورسله ، وملائكته ، واليوم الآخر ، والقدر خيره وشره .
· أشرف العلوم الدينية والدنيوية هو علم
التوحيد ، لأنه يتعلق بالله رب العالمين ، ويستمد أهميته من عظمة الخالق سبحانه .
· وتعلم القدر الضروري منه فرض عين على كل
مسلم ومسلمة لتثبيت الإيمان بالله ورسله وكتبه وملائكته واليوم الآخر والقدر خيره
وشره.
· ولقد
اهتم القرآن بموضوعات هذا العلم وكاد القرآن المكي أن يقتصر عليها وما يتصل بها .
· ولقد اهتم المسلمون الأولون به فعزوا وسادوا
، وعندما أهملوه اختلت عقائدهم وسرى الخلل إلى سلوكهم وأعمالهم فاستعمر الكفار
أرضهم وبلادهم.